القائمة الرئيسية

الصفحات

ثلث الغذاء في السعودية إلى الهدر.. الأرز واللحم في الصدارة والدولة تتحرك


في مواجهة أحد أبرز التحديات التي تهدد الأمن الغذائي عالميًا، كشفت الهيئة العامة للأمن الغذائي في السعودية عن نسب مرتفعة في هدر الأغذية الأساسية، وعلى رأسها الأرز والخبز والدقيق واللحوم والدواجن والأسماك والخضروات والفواكه.

 

وأكد المهندس أحمد الفارس، محافظ الهيئة، أن معالجة هذه الظاهرة تتطلب تكاتف جهود المستهلكين مع الجهات الرسمية والقطاع الخاص، ضمن مسعى المملكة لتحقيق أمن غذائي مستدام يواكب أهداف رؤية 2030.

 

تراجع متوقع في نسب الهدر

رغم ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي على الغذاء خلال السنوات الماضية، توقع الفارس انخفاضًا ملحوظًا في معدلات الفقد والهدر خلال الأعوام المقبلة. وأوضح أن نتائج المسح الميداني الثاني – المقرر الإعلان عنها نهاية سبتمبر الجاري بالتزامن مع اليوم الدولي للتوعية بالفقد والهدر الغذائي – ستظهر تحسنًا مقارنة بالمسح الأول، بفضل الحملات الوطنية والبرامج التوعوية التي أطلقتها الهيئة.

 

40 مليار ريال سنويًا.. كلفة اقتصادية ضخمة

تشير البيانات الرسمية إلى أن قيمة الطعام المهدر في السعودية تبلغ نحو 40 مليار ريال سنويًا، فيما تصل نسبته إلى أكثر من 33% من إجمالي الغذاء المتاح. هذه الأرقام دفعت المملكة إلى إطلاق البرنامج الوطني للحد من الفقد والهدر الغذائي تحت شعار "لتدوم".

 

"لتدوم".. استراتيجية وطنية متكاملة

أوضح الفارس أن البرنامج انطلق في مرحلته الأولى عام 2020 عبر تحديد خط الأساس لمؤشرات الهدر، حيث بلغت نسبته آنذاك 33.1%. ومع المرحلة الثانية، تم تكثيف الجهود التوعوية بمشاركة حكومية ومجتمعية واسعة، بهدف خفض النسبة تدريجيًا حتى عام 2030 بما يتماشى مع المعايير العالمية.

ويعتمد البرنامج على:

  • بناء نظام تشريعي وتنظيمي متكامل.

  • إطلاق بوابة إلكترونية وطنية لتعزيز التنسيق بين الجهات المعنية.

  • دعم الإنتاج المحلي المستدام للسلع الغذائية.

  • ضمان تنوع واستقرار مصادر الاستيراد.

  • تشجيع العادات الغذائية الصحية.

  • رفع القدرة على مواجهة المخاطر الغذائية.

     

أزمة عالمية بأبعاد إنسانية

الهدر الغذائي ليس تحديًا سعوديًا فحسب، بل أزمة عالمية متفاقمة. ووفقًا لتقديرات منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، يتم هدر ثلث الغذاء المنتج سنويًا، في وقت يعاني فيه أكثر من 783 مليون شخص من الجوع. وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن ثلث سكان العالم يواجهون انعدام الأمن الغذائي، فيما تُهدر أكثر من مليار وجبة يوميًا حول العالم.

 

"حفظ النعمة".. قيم مجتمعية تتجدد

في السعودية، حيث يُعد الكرم جزءًا أصيلًا من الثقافة، ظهرت الحاجة إلى مبادرات مجتمعية مثل مبادرة "حفظ النعمة" التي تعزز الوعي الاستهلاكي وتدعو إلى ترشيد الاستخدام وتقليل الفقد في جميع مراحل سلسلة الإمداد الغذائي، بدءًا من المزرعة وصولًا إلى المستهلك.

 

مسؤولية جماعية لمستقبل مستدام

من خلال برامج مثل "لتدوم" ومبادرات الوعي المجتمعي، تخطو المملكة خطوات عملية للحد من الهدر الغذائي وضمان أمن غذائي مستدام، بما يوازن بين تقاليد الكرم والمسؤولية الاقتصادية والبيئية. ورغم ضخامة التحدي، فإن المؤشرات تعكس إرادة سياسية ومجتمعية جادة لمواجهة الظاهرة وحماية الموارد للأجيال المقبلة.

تعليقات

التنقل السريع