مع عودة ملايين الطلاب والطالبات إلى مقاعد الدراسة في مختلف مناطق المملكة، يتجدد الحديث حول النقل المدرسي كأحد الركائز الحيوية للعملية التعليمية، وركيزة أساسية في تحقيق جودة الحياة التي تستهدفها رؤية المملكة 2030. فالحافلة المدرسية لم تعد مجرد وسيلة نقل، بل حلقة أمان يومية تربط بين البيت والمدرسة، وحماية ركابها الصغار تعني حماية المستقبل.
دروس من تجارب مؤلمة
التجارب السابقة التي شهدتها بعض المناطق – من القطيف إلى جدة وحفر الباطن – جسدت بوضوح حجم المخاطر حين تغيب الرقابة والأنظمة الوقائية، وهو ما جعل من قضية السلامة أولوية وطنية قصوى.
التقنية شريك لا غنى عنه
في هذا السياق، شدد المهندس محمد درويش زمزمي، مستشار السلامة والصحة المهنية وعضو هيئة التدريس بمعهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة، على أن الحلول لا يمكن أن تكون جزئية، بل تتطلب رؤية شاملة.
وقال زمزمي: "البداية تكون بتعيين مشرفين مؤهلين داخل الحافلات، خاصة تلك المخصصة لطلاب المرحلة الابتدائية وذوي الاحتياجات الخاصة، إلى جانب إلزام السائقين بالتفقد الإجباري لمقاعد الحافلة بعد كل رحلة".
وأضاف أن التقنية الحديثة أصبحت عنصرًا أساسيًا لا يمكن الاستغناء عنه، عبر حساسات المقاعد وأنظمة الإنذار والكاميرات الداخلية، بالإضافة إلى تطبيقات ذكية تتيح متابعة حركة الحافلة لحظة بلحظة والتأكد من وصول الطلاب إلى منازلهم بأمان.
التدريب والاستثمار في السلامة
وأكد زمزمي أن الاستثمار في تدريب وتأهيل السائقين بشكل دوري وربط ذلك بمتطلبات السلامة المرورية يمثل خط الدفاع الأهم للحد من المخاطر، لاسيما في ظروف الطقس القاسية كالأمطار والسيول. كما شدد على أن الوعي المجتمعي وتعاون الأسر مع المدارس هو ركيزة أساسية لضمان نقل مدرسي آمن ومستدام.
شركات النقل: السلامة هُوية ورسالة
من جانبه، أشار غسان محمود عراقي، الرئيس التنفيذي لإحدى شركات النقل المدرسي، إلى أن السلامة لم تعد خيارًا، بل أصبحت "هوية الشركة ورسالة وجودها"، مؤكداً أن كل رحلة آمنة تُترجم إلى ثقة عميقة بين الشركة وأولياء الأمور.
وأوضح عراقي أن التحول نحو بيئة تشغيل ذكية بات ضرورة، عبر أنظمة التتبع، الكاميرات عالية الجودة، أجهزة استشعار المقاعد، إضافة إلى الالتزام الصارم ببرامج صيانة دورية. وقال: "السلامة ليست بندًا إضافيًا في الميزانية التشغيلية، بل استثمار طويل الأمد في السمعة والاستمرارية".
مسؤولية جماعية
واختتم بالتأكيد على أن نجاح منظومة النقل المدرسي مسؤولية جماعية تشترك فيها الوزارات المعنية والمدارس والأسر والشركات، وأن هذه المنظومة يجب أن تبقى في دائرة التطوير المستمر بما يضمن حياة أكثر أمانًا لأبناء وبنات الوطن.
تعليقات
إرسال تعليق